تزين عينيها بخط من الكحل السميك, و تلون شفاهها بذلك اللون الاحمر.
و تعقص شعها في كره كبيره فوق رأسها. تجلس رافعة رأسها بفخر تخبئ تحته اّلامها
تشعل السيجاره بيد مرتعشه .. تنفخ الدخان في دوائر مستمتعة بشكله .
جلست محدقة في الافق امامها .. يمر برأسها شريط الذكريات ..
تتذكر كل الكلمات التي قيلت ..
لا تذرف الدموع لكنها تشعر بها بداخلها ..
ليست حزينة او ضعيفه ..
لكنها تشعر بألم.
كانت تعلم ان لكل ما تحب نهايه ..
كانت تعلم انه سيأتي اليوم الذي تتغيرفيه الكلمات
من "سأبقي معك الي الابد" ال "عفوا .. سأخرج من حياتك الان"
لكن ما لم تكن تعلمه قصر تلك المدة المغمورة بالسعاده..
لم تكن تعلم ان "سأخرج من حياتك" ليست بهذه السهولة ..
فجسديا سيخرج .. لكنه ملتصق في ذاكرتها .. كطفل متعلق برقبة امه في لحظة خوف.
ما زالت جالسة كما هي .. لساعات ..
تنطفئ السيجاره فتشعل اخري ..
اشتد الهواء قليلا .. و هاجت الامواج امامها ..
و لكنها ما زالت محدقة بذلك الافق ..
بعد عدة دقائق سقطت اول قطرة من المطر .. لم تبال كثيرا ..
لكنها قررت ان تقترب من ذلك الافق ..
رشفت ما تبقي من فنجان القهوة الداكنة امامها و تركت الورقة النقديه علي الطاولة و رحلت ..
تجاهلت السيارات و قررت ان تمر ببطئ بينها ..
اختبئت الشمس التي كانت تشرع في الغروب وراء الغيوم الماطره ..
فأظلمت الشوارع منطفئة المصابيح ..
وصلت سالمة للجهة الاخري من الطريق
ثم خطت اول خطوة في الرمال متجهلة كونها مرتدية هذا الحذاء ذا الكعب العال..
وصلت عند حافة المياه و جلست ..
شعرت انها اقتربت من ذلك الافق الذي تراه .. لكنها لم تصل ..
علت الامواج متخبطة في الظلام .. تدفعها فلا تتحرك .. و ينهال المطر ..
اختلطت عذوبة الامطار بملح البحر في فمها ..
جالسة هي في صمت تضم رجليها الي صدرها مرتعشة من البرد و المياه
علمت ما كان سيحدث لكنها اختارت ان تكمل نل تفعل
تجاهلت تحذيرات من حولها و احساسها ان نهايتها قادمه و تمادت في ما تفعل
حتي انتهي كل شيء في لحظه ...
ظلت جالسة ساعة تليها الأخري حتي مطلع الفجر ..
ثم وقفت .. نظرت للبحر شزرا .. و تنهدت ثم صرخت..
هي تصرخ و صوت الموج يعلو ..
تصرخ اكثر فتزداد غزارة المطر..
تصرخ ..
و مع الصرخة الأخيره ضرب البرق و تلاه الرعد ..
فأخرسها ..
لكن صمتها لم يكن كأي صمت ..
صمتت لبضعة دقائق .. ثم شرعت الدموع المحبوسة بداخلها بالانهمار.
لم تكن مجرد دموع .. تدافعت في عينيها كالممياة المحبوسة وراء سد منيع قد ازيل للتو ..
استدارت وقد اعطت ظهرها لأفقها ..
استفاضت دموعها حتي جفت عينيها ..
تبدو الان كمجنونه .. فقد تداخلت الالوان في وجهها بفعل الأمطار و الدموع ..
لم تهتم ..
كانت تلهث .. و تتوعد .. اما انا او انت ايها البحر !
تركني فبقيت انت .. و ما عاد لي غيرك..
تكرت كلمات قصيدتها المفضله عن البحر ..
"و عَملت مِلحَك دَوا
و اللّي جِراحُه هوى مالهوش طبيب غيرَك
طب ليه بِتِبْخَل عليّا .."
ثم صمتت .. مشت في وهن تجر قدميها ..
تترنح كالسكاري و تلهث كمن جرت سباق ..
عزمت علي تخطي الأمر و مسح الذكريات
ان تنسي من باعها رغم تعلقها و اخلاصها ..
قررت ان تمحو كل شئ ..
.. متأكدة انها لن تستطيع التنفيذ...
No comments:
Post a Comment